Pages

Saturday, 12 December 2015

تحصيل حاصل: ما بين المنشود والممكن والمتخيّل....وما حصَلتَ عليه فعلا




لا أدري إن كان ثمّة منطق فيما أقوله هنا، إذ لست أتحدث عن تجربة شخصية بقدر ما اتحدث عن معاينات... والمعاينات، وإن قد تكون أقرب للموضوعية -إذا تحدثنا بلغة العلم- إلّا أنّها قد تمرّ عابرة، دون أن تلتقط جوهر الأمر، إن كان موضوعها الطباع العميقة والشخصية للبشر...

يستوقفني كثيرا كيف يتعامل الرجال مع نساءهم. وب"نساءهم"، لا أقصد المنشود، والممكن، والمتخيّل، وإنما الشيء الذي حصلوا عليه فعلا بعد المرور بواحدة أو بكل الثلاث المذكورات: المخلوقة التي أصبحت –أو فلنقل أمست - أمراَ واقعاً في حياتهم اليومية بعقد مكتوب ومشهود، بكمل ما يحمله من التزامات، أو ربما قيود..

فجأة، تصبح تلك المُتخيّلَة المنشودة، أو القريبة إلى مواصفات "المُتخيّلَة المنشودة"، أو حتى تلك التي تقترب من طيف "المُتخيّلَة المنشودة"، أو تلك التي تفتقر الى أغلب صفات "المُتخيّلَة المنشودة"، ولكنها  أمل الأمان والاستقرار وحلم بناء عائلة -بعد أن أصبح خيال المنشودة سراباً- فجأة، تصبح تلك تحصيل حاصل (في أحسن الظروف) أو أمراً واقعاً (في متوسطها) أو قدراً مفروضاً (في أسوأ الحالات)..وتفقد الغالبية العظمى مما أسبغه عليها الخيال من صفات لا توجد إلا في وصف نساء الآخرة..

أصبَح الخيال الذي تطارِده كرجُل -وطبع الذَكر الصيد- تحصيل حاصل؛ طريدة تم اقتناصها، ولم ينته الصيد بعد...والصياد يحترم طريدته بقدر صعوبة المطاردة، ولكن الأمر ينتهي بعد حين، إما بداعي السأم، أوالتعب، أو العامل الأقوى : الزمن؛ القاهر الذي يغير طبائع الناس والأشياء إذ يجعل من بعد قوّة ضعفاً...

يدرك الرجال فجأة بأن "المتخيًّلَة" تشبههم في الصفة الإنسانية، بمناقبها ومثالبها، ويحصل السقوط:  من القمّة السامقة  لخيال يرفع المُتَخيَّلَ لما هو أعلى، إلى واقعٍ إجتماعي وتربويّ يصرّان على تذكير صاحب الخيال بأن "المتخيًّلَة" طرف تابع في العلاقة المقبلة، وينبغي عليها أن تعود الى دورها المفترض بمجرد توقيع العقد الذي يُقحِم المادة (بشكلها النقدي والجسدي) في العلاقة بين السمت والقاع بشكل يُسقط الخيال_ أو الوهم_ بتسارع يتناسب إطّراداً مع حجم الوهم...

لذا يتلقى كل من أحب أكثر (ذكر كان أم أنثى) صدمة أكبر_ على ما أظنّ....

في حقيقة الأمر: حقيقتها تقع في مكان أعلى أو أدنى ما بين ما تخيّلت، وبين ما ربّاك مجتمعك على أن ترى؛ هي ليست حورية من حوريّات الجنّة، وليست أيضاً أمَة لك: إنها إنسان ناقص يصيب ويخطيْ مثلك، ولكنّك لن ترى ذلك، ولن ترى هي ذلك.... العلاقة بينكما غير سويّة وغير متوازنة: ستحاول أنت أن تفرض تفوّقك، وستحاول هي أن تجد حلفاء لها من صلبك لإعادة التوازن للعلاقة. أنت تعلم تماماً بأن غايتك من العقد استمرار اسمك ونسبك، وهي تعلم بأنها –لحظة اختارت توقيع العقد معك- بإن أملها الوحيد في الكينونة هو من خلال من كانت وسيلَتَهم للوجود: الرحم الذي أوصى به ربّك وربّها من فوق سبع سماوات عندما أمر : "أمّك ثمّ أمّك، ثمّ أمّك، ثمّ أبيك..." كانَت تعلَمُ ذلك عندما اختارت ترك بيت أبيها، حيث تربّت على أن أخوتها يمتلكون حظوة أكبَرمما يمكنها وأخواتها أن تحلُم به- والتَحَقَت ببيتك، وحمَلَت اسمك، على أمل أن تحظى بدور أكبر، وتحصل على قيمة أعلى مما تربّت عليه.

وكما تعلَمُ بأن بنيك سيحملون اسمك، بعد أن سقط وهمُك بشريكة بمواصفات حوريات الآخرة؛ تعلم هي بأن بنيك سيحملون اسمها، في نفس تلك الآخرة التي اقتنَصْتَ خيال الحوريات منها، وتَعلَمُ بأنَ المسافة ما بين الأولى وتلك الآخرة وسيلتها لإعادة التوازن (إن كانت تدركه) أو حتى السيطرة، (إن كانت من ذلك النوع)  .

وتبقى لديك خيارات:

·        أن تستمر في التأرجح بين وهم الحوريّة وتربية الأمَة إلى ما لا نهاية.(خيبة على أيّ الجهتين)
·        أن تستمر بالاستمتاع في لعبة الصيد الى أن يقرر الزمن بأن ثمّة صيادين أكثر شباباً، ومهارة وفحولة منك (وأنت أكثر علماً  بمصير الصياد الذي لا يقوى على طريدته)
·        أن تلعب لعبة الاستعباد (وتخاطر بانتقام العبيد)
·        أن تقع في دور الضحية (وتقاسي حكم العبيد – وليس ثمّة أسوأ من انتقام المستعبَد إن ساد).
·        أن تعتبر العقد عقد شراكة وتحترم من تعاقدت معها، وتسعى إلى إيجاد توازن ينسجم مع الطبيعة...(هاي بدها شغُل)

ü     قد تعتقد بأنّها أصبحت لديك تحصيل حاصل، وبأن عليها أن تحتمل، لأن هذا قدرها، وليس لديها سبيل آخر...
ü     قد تعتقد بأن العقد يحميك وأنها لن تقوى بدونك...وأن بإمكانك أن تقول ما تريد، وتفعل ما تريد، وستعود لك ولبيتها في النهاية.
ü     قد تعتقد بأن غضها الطرف مؤشر على رضا، استكانه،  حاجة، عجز، أو تقدير لكونك ضعيفاً أمام المغريات...
ü     قد تعتقد بأن هناك أدواراً قسمها الله دون أن تبذل جهدا في محاولة فصل غاية قسمة السماء عن تفاسير الأرضين
قد تعتقد ألف اعتقاد آخر أفضل أو أسوأ مما ذكرت، (أنا لم أذكر الأفضل، تركته لكم.) ولكن الحقيقة واحدة:
هي تستطيع في لحظةِ إيقانها بأنها لا تحمل أيّة قيمة في هذه العلاقة، باستطاعتها أن تفاجئك وتعيدك الى نقطة البداية، ربما في لحظة تدرك فيها بأنّك لم تعد قادرا على الصيد...

في مجتمعنا، حيث الفصل بين الجنسين ظاهري أكثر منه أمراً فعليّاً، يلقي الرجل بكافة أعباء تربية الذرية على المرأة...على عكس المجتمعات الأبوية الأقدم، حيث للأب سلطة تربوية على أبناءه الذكور...هنا مربط الفرس: في اللحظة التي تعتقد فيها بأن مفاتيح بيتك تستلقي بأمان على خاصرتك، قد تجد بأنك قامرت بكل ما تملك، وخسرت دون أن تدخل حلبة معركة واحدة، ودون ان تسفك قطرة دم واحدة...بنسحب "عدوّك"" – أو "طريدتك" _ قبل أن تفهم قوانين المعركة، وتخسر...ثمة معارك لا يتم حسمها بالسلاح، فاحذر...

باختصار: الرجال في مجتمعنا ليسوا ملائكة ولا ضحايا....
والنساء في مجتمعنا لسن حوريات ولا ضحايا...
ما في حدا ضحية، كله عنده خيارات مرتبه من 7000 سنه...

يا جمااااااااعه اتقوا الله وديروا بالكم على بيوتكم!

No comments:

Post a Comment